جديد التدوينات - بلدة مغيب وحقيقة التأسيس
كانت بلدة مغيب إلى ما قبل سنة 1374هـ. تقريباً مورد ماء ترتاده بوادي عتيبة للشرب من ماءه وسقي مواشيهم منه أثناء إقامتهم عليه أو عند المرور عليه وكان يتبع هجرة خُف وهي من هجر الرباعين وكبيرهم الشيخ عمر بن ربيعان.
وقد كان في ذلك الوقت يوجد عدد من الأساعدة يعملون في خوة الملك فيصل رحمه الله عندما كان ولياً للعهد وأميراً للحجاز قد طرأت عليهم فكرة إنشاء بلد للأساعدة ومنهم نايف العشاي وصلف الزعتر وخلف المعاز وغازي العجاب وخلف الحداري وسعد الحداري. فتقدموا إلى الملك فيصل بطلب الموافقة على ذلك فقال لهم في أي الأماكن تريدون ذلك المكان. فكان اختيارهم على ماء مغيب وقال لهم في أي جهة من هجر الروقة قالوا له في جهة هجرة خُف فطلب منهم إحضار موافقة من الشيخ عمر بن ربيعان بصفته كبير الرباعين فقاموا بإحضار تلك الموافقة من الشيخ عمر.
عند ذلك قام الملك فيصل برفع الأمر إلى الملك سعود يرحمه الله حيث أن الملك فيصل كان ولياً للعهد في ذلك الوقت فتمت الموافقة على طلبهم.
وبعد صدور الموافقة تم تشكيل لجنة للتحقق من استحقاقهم إنشاء بلد لهم في ذلك الموقع. وقد أُخبروا بموعد اللجنة عند ذلك أخذوا يحثون جماعتهم من المناطق الأخرى للتواجد في مغيب قبل موعد اللجنة سواء من يريد البقاء أو من يعمل على تكثيرهم كما طلبوا من يقيم بالقرب منهم من بادية الروقة الحضور معهم وفي هذه الأثناء حضر الحدارا إلينا في ساجر وهما خلف وسعد حيث توجد أسرتيهما عندنا يالعبيات- حيث كان الوالد يرحمه الله أكثر الجماعة تفقداً لأحوالهم وقضاء حاجاتهم وذلك بسبب قرب سكنهم من بيته ومزرعة نخيله- لأجل إصطحابهما إلى مغيب بعد تركهما لأكثر من سنة وذلك بسبب ظروف عملهما مع الملك فيصل بالحجاز كما طلبوا من جماعتنا العبيات أهل ساجر حضور اللجنة فحضر جميعهم- ومن ضمنهم الوالد- في موعد اللجنة مع من حضر من الأساعدة وغيرهم. وقد تمت بعد ذلك الموافقة على اعتماد بلدة مغيب كبلد لمن سكنها من الأساعدة كما أن اللجنة طلبت من الأساعدة اختيار واحداً منهم لترأس هذه البلدة فلم يكن لأحدٍ منهم رغبة في ذلك إلاّ خلف الحداري فوافق الحضور على ترشيحه لرئاسة مغيب وكان يرحمه الله رجل عاقل ومقدر من الجميع.
وبعد ذلك رجع جماعتنا العبيات- بعد أخذهم من القطع الزراعية التي قاموا بزراعة بعض النخيل فيها- إلى بلدهم ساجر بعد انتهاء عمل اللجنة وأخذ السكان الجدد بتقاسم الأراضي السكنية وأقاموا عليها مساكنهم من الطين كما قاموا كذلك بتقاسم الأراضي الزراعية على طرفي الوادي وشرعوا في زراعة أشجار النخيل كل على حسب استطاعته وكذلك اسسوا جامع البلدة. ومن هؤلاء السكان الذين أقاموا في بلدة مغيب بعد التأسيس. فمن العبيات (سيف بن غافل وصويلح بن خويتم وعياله ومرضي بن خويتم وولده وهلال بن خاتم وولده ومطلق بن ضاوي) ومن الشناخيب (سعد بن سعيدان وأخوه عبد الله ومحماس بن مخيريص وولده بجاد ومعدي الوغيدة وولده سعود) ومن القرضة (صلف الزعتر وبني أخيه وخلف الحداري وأخوه سعد وبرجس العراده وأخوه سعيد ونقا بن قرزوح وبعض عياله ونهيتان بن ضويان وعياله) واليعذرنا من لم نأتي على ذكر اسمه. كما أن معهم في التأسيس عدد من الروقة.
وقد ابتدأت حياتهم تسير على خير وانشغلوا بأعمالهم وتربية مواشيهم وكان التواصل مستمراً بينهم وذلك إلى ما قبل نهاية فترة رئاسة خلف الحداري حيث بدأت الخلافات تدب بينهم والتنافس يزداد وذلك بسبب إذكاء نار الفتنة بينهم من قبل سعد الحداري وأولاده. وبوفاة خلف واستلام شقيقه سعد الرئاسة بالوكالة إزدادت هذه الخلافات وتعمقت إلى حد أن وصلت في بعض الأحيان إلى التشابك بالأيدي وكل ذلك حصل كما يرويه بعض هؤلاء القوم من الأساعدة بسبب سعد الحداري وابنائه وأكبرهم صعيب الذي لم يسلم منه أحد من الأساعدة حتى أقربهم إليه من ناحية صلة الرحم والذي طلب من أولاده سرعة العودة به إلى مقر سكنه السابق في بادية الزلفي فحصل له ذلك. وذلك من خلال ما يقوم به هو وإخوته من تحريش وفتنة وبما يمارسونه من التطاول والإعتداء على البعض منهم مما جعل الجميع يكره البقاء في هذه البلدة فأخذ الجميع يهجرونها تباعاً حتى أصبحت خالية من الأساعدة ما عدا سعد الحداري وأولاده. وقد كان هذا جزاءهم عندما أكرموا الحدارا ووافقوا على منحهم رئاسة مغيب. فقد صدق عليهم المثل الذي يقول: (إذا أكرمت الكريم ملكته وإذا أكرمت اللئيم تمردا) والمثل الآخر الذي يقول:(اتق شر من أحسنت إليه).
وبعد وفاة سعد تولى الرئاسة ابنه صعيب بالوكالة وإذا البلد خالية من السكان وصادف ذلك حركة تشجيع الدولة على الزراعة وكانت أراضي مغيب من أفضل الأراضي الزراعية فأخذ يستميل أخواله وأبناء عمهم من القرضة ويغريهم بالسكن في مغيب ومنحهم أراضي زراعية وقد استطاع استمالة عدد منهم في ذلك الوقت وفعلا منحهم من الأراضي الزراعية وكان وقتها مشاريع الزراعة مربحة للغاية فتم له ما أراد من جلب عدد لا بأس به من السكان كما قام أيضاً بمنح عدد من الروقة من هذه الأراضي الزراعية من أجل زيادة عدد السكان لديه بعد أن استولى هو وإخوانه على الكثير منها وبيع العديد منها لغير الأساعدة وإهداء بعضها لمسئولين في الدولة من أجل تمرير مصالحه. وحيث أن البلد تفتقر لأبسط الخدمات من مدارس ومركز صحي وبلدية وقرض عقاري وطريق يربطها بالقرى المحيطة والمدن الرئيسية فهو بذلك محتاج إلى عدد أكبر من السكان كما أنه يسعى للحصول على ختم رسمي لرئاسة بلدة مغيب. فصادف ذلك نزوح عدد من أفراد قبيلة ساعدة من العراق واستقر بهم المقام في الحدود الشمالية من المملكة فوجدها فرصة ثمينة وطرأت عليه فكرت جلبهم إلى مغيب وإيهامهم بالإنتساب إلى الأساعدة وإغرائهم بمنحهم الجنسية وأنه شيخ العشيرة. وهو هدفه الأول والأخير العمل على زيادة عدد السكان في مغيب حتى يتمكن من تحقيق طلباته من الحصول على منصب رئيس مركز رسمي إلى غيره من الخدمات فكان له ما أراد.
وقد صدّقه البعض منهم وحضروا للسكن في مغيب وقد استطاع تجنيس عدد قليل منهم بالتحايل والتدليس على الدولة والذي لم يستمر طويلا حتى تم كشفه بعد التحقيق الأمني وأصدرت الدولة فيهم أوامر سامية بسحب جنسياتهم عام ١٤٠٣ هـ لعدم صلتهم بالأساعدة من عتيبة وترحيلهم إلى الحدود الشمالية مع قومهم ساعدة ولدينا ما يثبت ذلك، كما صدرت أوامر بمحاسبة المتسببين في ذلك إلا أن شفاعة الشيخ عبد الرحمن الدويش أعفتهم من العقاب بعد أخذ التعهد عليهم بعدم تكرار ذلك.
المهم أنه عندما حصل على مبتغاه وحقق أهدافه (عادت حسينة لعادتها القديمة) فأخذ هو وإخوانه بصب أذاهم وأعمالهم القبيحة على أخوالهم وعلى غيرهم من الأساعدة والتي يندى لها الجبين فلم يسلم من أذاهم أحداً منهم. ونحن نعرف هذه الأعمال جيدا ولكن نشيّم أنفسنا عن ذكرها في هذا المقام لقبحها ودلالتها على سوء أفعال أصحابها. كما ونحشم جماعتنا عن ذكرها أيضاً وتداولها لأنها تشبه أوجه هؤلاء الظلمة قبحهم الله لأنه ليس لديهم أي حاجز من الدين أو الأخلاق يمنعهم من الإعتداء والظلم والإفتراء وقلب الحقائق. وقد قام هؤلاء القوم بعد تعرضهم لهذه التصرفات الإجرامية التي تدل على سوء أعمال أصحابها إلى الرحيل ومغادرة هذه البلدة مخلفين وراءهم أملاكهم التي لا تزال شاهدة على آثارهم.
وبالمناسبة فقد أخبرني فرحان زيد بن طوارش قبل ثلاث سنوات يقول: قام الحدارا بإنتحال إسم جدنا خلف بن بصيص وشقيقه منغص زوراً وبهتاناً مستغلين غربة والدي خارج السعودية واستطاعوا من خلال ذلك بالإستيلاء على أملاكهما من النخيل في الإحساء وتمكنوا من استلام كامل تعويضات الدولة الممنوحة بشأنها لوقوعها ضمن مشاريع الدولة ويقول: وقد قمت برفع دعاوى عليهم تنظر الآن في المحاكم وإن شاء الله سيظهر الله الحق ويبطل كيد الظالمين.
هذه لمحة سريعة نسجلها للتاريخ حول تأسيس بلدة مغيب والملابسات التي حصلت لسكانه من الأساعدة أردنا من خلالها كشف الحقائق ولجم أفواه المدلسين محرفي الحقائق مرضى المشيخات الزائفة ومنتحلي الزعامات الكاذبة.